إن هَؤُلاءِ النَّاس في الحقيقة يكذبون جميع الأَنْبِيَاء وجميع الرسالات، ولهذا -كما أشرنا فيما مضى -فإن هذه الطائفة يكفرها جميع أصحاب الملل والأديان، الْمُسْلِمُونَ واليهود والنَّصَارَى فلا توجد ملة أو دين سماوي يقر هَؤُلاءِ القوم، بل جميع الملل تكفرهم لأنهم خارجون عَلَى جميع الشرائع.
ولهذا كَانَ أصل كثير من هَؤُلاءِ إما من الرافضة وإما من الباطنية، ولكن لبسوا عَلَى النَّاس بادعائهم التصوف والولاية، فزعموا أن كل ما يفعلونه أو يفعله غيرهم هو فعل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، كما يقول أحد الأقطاب: نار الخليل انطفأت؛ لأن الشيخ تفل فيها. ليس كما قال الله تعالى: ((قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ)) [الأنبياء:69] فيعتقدون أن الأقطاب هم الذين يتصرفون، وتصرفهم سابق لوجودهم، فهم موجودين في الأول وإلى الأبد، وكل ما وقع في الكون فهو من تصرفهم، حتى سفينة نوح زعموا أنهم هم الذين منعوها من الغرق، ونار إبراهيم هم الذين أطفئوها، وهم الذين نجو شعيباً وصالحاً ومحمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهَؤُلاءِ يتبعهم اليوم ملايين من النَّاس، ويظنون أنهم يتقربون إِلَى الله باتباع هَؤُلاءِ المضلين.